شكّل القرآن الكريم محور الحياة الفكريّة والثقافيّة للمسلمين، فجهدوا منذ بداية القرن الأوّل للهجرة في جمع اللغة وتدوين مفرداتها للتواصل مع النصّ المقدس والوصول إلى الدلالات المعنويّة فيه. وانطلاقًا من ذلك، تبدّت الحاجة إلى توافر أدوات منهجيّة تيسِّر التعامل معه، فكان أن ظهرت المعجمات التي تضمّ بين دفّتيها مفردات اللغة العربيّة، إلى جانب معناها ليتمكّن كل من غمُض عليه معنًى أو أشكلت عليه كلمة من تحقيق مراده وأخذ مطلوبه، وقد لجأت هذه الجهود إلى منهجيّات مختلفة بغية الوصول إلى هذه الغاية، كان أهمّها ما اعتمده أحمد بن فارس في كتابه معجم مقاييس اللغة، إذ عمل على إرجاع الاشتقاقات إلى جذورها، إلا أنّ جهده كان يحتّم ضرورة وجود منهج يوفّر إمكانيّة استكشاف المعاني المحوريّة لتلك الجذور.
ومن هنا، ظهرت فكرة كتابنا هذا، الذي يعمل على إبراز المنهجيّة المعتمدة للوصول إلى هذه الغاية، وهو لا يكتفي بالجانب النظري، بل هو يجعل هذا الجانب مجرّد مقدّمة ينتقل بعدها إلى تطبيقات عمليّة عبر مؤلفات اشتغلت على هذا الموضوع. وتتميّز الدراسة مضافًا إلى ذلك بتنوعّ المادة والأمثلة التي قدّمت فيها، والتي تتناول موضوعات عقائديّة وفقهيّة وأخلاقيّة، ممّا يجعل هذا الكتاب فريدًا في بابه.

إنّ تناول موضوع المعاد الجسمانيّ في هذا الكتاب متيقّن التجاوز للتقليديّ من العلاج. فالكتاب هذا يطلّ بوجهه على ميادين علميّة متعدّدة، ليس أوّلها موضوع التأويل وموقعيّته في القراءة الصحيحة للنصوص الدينيّة، وليس آخرها مباحث متعلّقة بالنفس البشريّة وكيفيّة تمظهرها في نشآت الوجود المختلفة. إنّ المؤلّف هنا انطلق في بحثه من أرضيّة النصّ الدينيّ المقدّس، فقرأها بذهنيّة جامعة للمناهج حاوية للوسائل، ليقدّم بناءً عليها رؤية فلسفيّةً تأسيسيّةً لموضوع المعاد في الفهم الإسلاميّ، ذاك ناهيك عن استعراضه وتناوله لآراء كبار فلاسفة الإسلام؛ كالشيخ الرئيس والملّا صدرا وغيرهم، ثمّ وقوفه عليها موقف المعالج الناقد.
إنّه ليصحّ منّا أنّ نقول إنّ الكتاب هذا يشكّل إضافةً مهمّةً وقيّمةً للمكتبة الإسلاميّة والفلسفيّة على حدّ سواء، بل الكتاب هذا يعود ليفتح الباب أمام بحث المعاد، ممهّدًا الطريق نحو طروحات أخرى قد يمكن تناولها في ما يلي من الزمن، فهو بهذا الاعتبار خطوة في درب طويلة يبعد أمدها.

يقدّم الكتاب مجموعة من الدروس القرآنية التي ألقاها الإمام الخامنئي على منبر مسجد الإمام الحسن المجتبى (ع) في مدينة مشهد في شهر رمضان المبارك من العام 1353 هـ ش. الموافق للعام 1974 م.
وتتجلى أهميّة هذا الكتاب بلحاظ الخصائص التي يتوافر عليها، وهي:
– إلقاء الضوء على النتاج المبكر للإمام الخامنئي (د ه) قبل الثورة الإسلامية المباركة، فيمكننا بالتالي عبره التعرّف على نصّ شكّل رافدًا من روافد النهوض الإسلاميّ، ويمكن اعتباره بحدّ ذاته دعامةً من أجل بناء وعي إسلاميّ أصيل.
– منهجيّة التفسير المتّبعة، والتي تؤكد على إعادة ربط الدين والرؤية المؤسَّسة على القرآن الكريم في الحياة السياسيّة والاجتماعيّة للأفراد.
– طرح الموضوعات العقائديّة انطلاقًا من عمليّة بناء المسؤوليّة والالتزام العملي، في سبيل ترسيخ فاعليّة الإنسان المسلم، بعيدًا عن المنهجيّة السائدة في الطروحات العقائديّة القائمة على طرح المفاهيم المجرّدة وحدّها في قوالب النفي والإثبات.
– تقديم منهجيّة تفسيريّة متكاملة، تقوم على أساس جدليّة النص والواقع، وتؤكد على ضرورة الارتباط بالنصّ بما هو مصدر التعاليم الإسلاميّة السامية، وبما يطلبه من الإنسان المؤمن بحقانيّته من ديمومة سؤاله ليصل إلى الإجابات الشافية.
هذه الخصائص وغيرها تسمح لنا أن نقول إنّ هذا الكتاب يشكّل بحقّ أحد أهمّ الركائز النظريّة والمؤسّسة لرؤى الفكر الإسلامي الأصيل.

شهدت فكرة الخلاص المسيحيّ على مرّ العصور تغيّرات عدّة في كيفيّة فهمها. فبين العصور الوسطى أولَا، ثم عصر التنوير ثانيًا، ثمّ عصر ما بعد التنوير ثالثًا.

هذا الكتاب يمثّل التفسير الأقرب إلى التصور القرآني عن فلسفة وجود الإنسان، والذي تتشعّب منه جعبة مفاهيميّة كاملة، تهدف إلى ترسيم الغايات الوجوديّة للإنسان على قاعدة استخلافه على الأسماء والصفات، وبوصفه المظهر التام والواسطة في الفيض والإمداد.

يتناول الكتاب الإيمان والاعتقاد، التوحيد، العدل، النبوّة، الإمامة والمعاد.

فكرة معاصرة عملت على تقديم أطروحات نظريّة بديلة مقابل الحكومة الدينيّة.