إنّ الفرضية الأساس التي أسّس عليها المؤلّف بحثه هي أنّ علم المنطق – الأرسطي أو الرياضي – تحكمه أصول ومبادئ وقضايا وتطبيقات معيّنة، شأنه في ذلك شأن أيّ علم آخر ذي أصول موضوعة؛ مثل الهندسة الإقليدوسية، ولا بدّ من أن نتوقّع منه أشياء محدّدة ومعروفة، بينما تقول الفكرة السائدة إنّ المنطق وسيلة لجميع العلوم والأفكار، ولذلك على كل إنسان ينوي تعلّم علم أو فكرة، أن يتعلّم علم المنطق أولًا، وإلّا فسيقع في الخطأ والانحراف في طريق التعلّم وفي مسار أفكاره.
ولكن الجليّ أنّ العلماء والمفكرين قبل أرسطو وبعده كانوا يجيدون الاستدلال ولذلك بقيت أفكارهم حيةً حتى اليوم، كما أنّ أرسطو نفسه لم يكن قادرًا على استخدام نظامه المنطقي لتبرير النظام نفسه، وإلّا لكان ذلك مصادرة على المطلوب. ومضافًا إلى ما مرّ، فإنّ ظهور المنطق الرياضي مقابل المنطق الأرسطي خير دليل على أنّ المنطق القديم لم يكن ليلبي حاجات العلماء والمفكرين، وإن كان ذلك لا يعني أنّ المنطق الرياضي قادر على تلبية جميع الحاجات والتوقعات التي تم ذكرها سابقًا.
إنّ ميزة أيّ علم ذي أصول موضوعية هي قبوله للتعددية، فهذه التعددية في ساحة المنطق تعدّ اليوم من مسلّمات هذا العلم، إذ إنّ كتبًا قد أُلّفت تحت عنوان “أنواع المنطق” “وفلسفة أنواع المنطق”. ولكن من جانب آخر، نعلم جيدًا أنّ هناك منطقًا فطريًا عامًا يسود جميع البشر، بحيث إنّ البشر يدركون جيدًا استدلالاتهم في ما بينهم، ويقومون بنقدها، ولولا وجود هذه الفطرة الاستدلالية المشتركة بينهم لكان توقّع الفهم والنقد المتبادلين في ما بينهم عبثًا.
وكتاب “فن الاستدلال” هو تقرير عن هذه القوّة العامة الموجودة عند البشر للفهم والاستدلال. وقد طُرح هذا الفن في علمي المنطق بنحو أو بآخر واستخدُم فيهما؛ مع التذكير بأنّه طرح في المنطق القديم على شكل القياس الاستثنائي، وفي المنطق الجديد على شكل ما وراء اللغة وقاعدة الاستنتاج.
فن الاستدلال – غلام رضا ذكياني
$7.00
Weight | 0.265 kg |
---|---|
Dimensions | 14.5 × 21.5 cm |