من العطايا التي وفّرها الله لعباده أنّه جعل لهم – علاوةً على الوسائل العامّة كالصلاة والعبادات – وسائل خاصّة لكي يحصلوا على رحمات استثنائيّة؛ ومنها أنّه تعالى جعل في أيّام السنة شهرًا خاصًا ميّزه بخصائص تعادل آلاف الأيّام الأخرى، وعيّن فيه ليلة القدر التي تفوق ألف شهر.
وقد ورد عن الإمام السجاد عليه السلام دعاء خاص بوداع شهر رمضان، يتوجّه فيه بالخطاب إلى نفس الشهر الكريم كما لو أنّه يريد وداع صديق محبوب؛ فيبرز له مودّته، ويشكره على صنائعه، ويظهر الأسف على فراقه، والسبب من وراء الحزن على فراقه يتمثّل في أنّ هذا الشهر مليء بالعطايا والطاعات والعبادات الإلهيّة.
والواقع أن بالإمكان تقسيم هذا الدعاء إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول عبارة عن خطاب موجّه للبارئ تعالى في مقام الثناء عليه، وهو مقدّمة ضروريّة في كلّ دعاء تراعى فيه آداب العبوديّة؛ والقسم الثاني خطاب موجّه لشهر رمضان المبارك، وهو عبارة عن تسليمات توديعيّة ذكرت في خطاب الشهر الفضيل؛ وفي القسم الثالث، يتوجّه الإمام عليه السلام إلى الله تعالى، ويعرض عليه حاجاته ورغباته؛ لينتهي بذلك هذا الدعاء الشريف.
نقف في هذا الكتاب على مجموعة الدروس التي قدّمها آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي في شرح هذا الدعاء الجليل، سائلين المولى أن يوفق أهل الإيمان والولاء للانتفاع بما ورد فيه الاستزادة منه، إنه سميع مجيب.